تتراوح أعمارهم ما بين الخامسة والرابعة عشرة عاماً
عمالة الأطفال كابوس حقيقي انطلاقته الفقر والجهل ومصيره الضياع والتخلف
اليوم- الدمام
التأكيد على اهمية التعليم والزاميته لحماية الاطفال
اعمال شاقة يقوم بها الاطفال وبأجر زهيد
عمالة الأطفال كابوس حقيقي انطلاقته الفقر والجهل ومصيره الضياع والتخلف
اليوم- الدمام
التأكيد على اهمية التعليم والزاميته لحماية الاطفال
اعمال شاقة يقوم بها الاطفال وبأجر زهيد
تشكل طفولة الانسان احدى المحطات الرئيسية في مسيرته الحياتية , تاركا عبر احداثها وتجاربها وخبراتها وتفاعلاتها اعمق البصمات وابعدها غورا في بنيان شخصيته, فأما ان تجعل منه كائنا اجتماعيا متكيفا مع محيطه واما ان تغرس فيه بذور التنافر والتوتر والتي تفضي الى خلق شخصية مضطربة تتنازعها تيارات الانحراف والاعتلال . بيد ان هناك مشكلات عديدة قد تعكر صفو الطفولة وتقوض دعائم استقرارها من ابرزها مشكلة عمالة الاطفال التي باتت تسجل معدلات متزايدة ومقلقة في العقود الاخيرة بشكل خاص .
وتقدر منظمة العمل الدولية عدد الاطفال الذين يعملون في مهن مختلفة في الدول النامية والذين تتراوح اعمارهم مابين الخامسة والرابعة عشرة عاماً يتجاوز250 مليون طــفل 120 مليونا منهم يعملون كل الوقت واكثر من 80.4 بالمائة يعملون بالزراعة ويتركز الاطفال العاملون فى آسيا بنسبة 61 بالمائة منهم تليها افريقيا بنسبة 32 بالمائة ثم امريكا اللاتينية بنسبة 7بالمائة .
المشكلات الاقتصادية
ويمـثل عمل الاطفال مشكلة ملحة من الناحيتين الاجتماعية والاقتصادية ومن ناحية حقوق الانسان .حيث اشار تقرير منظمة الامم المتحدة للطفولة والامومة الى الاوضاع البائسة والخطيرة التي تواجه ملايين الاطفال في الدول العربية من حيث انهيار مستوى الرعاية الصحية وعدم الاهتمام، بل واهمال، مسألة تعليم الاطفال وتركهم عرضة للامية والجهل . بالاضافة الى ظاهرة عمل الاطفال في الدول العربية كاحدى الظواهر التي تشكل انتهاكاً بشعا للاطفال وبراءتهم مما يدلل على المستوى المتدني للقوانين الانسانية في هذه البلدان وانعدام وغياب قوانين العمل التي تمنع عمل الاطفال بشكل قاطع.
دورالتعليم
وشددت المنظمة في كل نشاطها في هذا الصدد على أهمية توفير التعليم واعادة التأهيل في مساعدة الاطفال الذين يتم اخراجهم من أسوأ اشكال العمل للتحقق من وضع حد لتلك الممارسات, ولا يمكن التهوين من اهمية تقديم التعليم الاولي مجانا وبصورة الزامية في السعي للقضاء على ظاهرة الاستغلال الاقتصادي للاطفال. والاسباب واضحة: فالتعليم يفتح ابواب المستقبل امام الطفل, ويتيح له الفرصة للارتقاء بمستوى صحته وسلامته, كما يتيح له فرصا اقتصادية اكبر, فضلا عن التمتع بكامل حقوقه.
وقالت المنظمة في تقريرها ان هؤلاء الاطفال محرومون من التعليم المناسب والصحة الجيدة والحريات الأساسية ويدفع كل طفل من هؤلاء ثمناً فادحاً لهذه المعاناة مشيرة الى ان حوالي 50بالمائة منهم يعملون كل الوقت في حين يلجأ الآخرون الى الدمج والتوفيق ما بين العمل والدراسة.
وبينت ان70 بالمائة من الاطفال يعملون فى اعمال خطرة. وان حــوالي 50ـ 60 مليون طفل من بين العدد الكلى وتتراوح اعمارهم بين سن الخامسة والحادية عشرة ممن يعملون فى ظروف خطيرة نظراً لصغر سن هؤلاء الاطفال وهشاشة قدراتهم.
معضلات الفقر
وتؤكد الدراسات المتخصصة ان عمالة الاطفال تنجم عن عدة اسباب اهمها الفقر وعدم كفاية دخل الاسرة وبطالة الاب او المعيل بسبب المرض او العجز او الاعاقة. كما يدفع عدم وجود معيل فعلى للطفل نتيجة وفاة الاب او اهمال الآباء لمسئولياتهم تجاه ابنائهم او الخلافات الزوجية وتعدد الزوجات وتفكك الاسرة الى خروج الاطفال الى العمل باكرا.
ويتعــرض الاطفال فى هذه المهن الى المهانة متمثلة بالـــضرب والعنف من قبل اصحاب العمل والشتم والتحـقير واكتساب عادات سيئة مثل التدخين والانحراف والادمان والتعرض للنصب والاحتيال وتعلم الغش وارتكاب الاعمال غير القانونية.
ورغم ان الميثاق العربى لحقوق الطفل يؤكد على ان الدولة ترعى وتكفل حق الطفل وحمايته من الاستغلال ومن الاهمال الجسماني والروحي حتى اذا كان ذلك من جانب اسرته وان تنظم عمالته بحيث لا يبدأ الا فى سن مناسبة ولا يتولى عملا او حرفة تضر بصحته او تعرضه للمخاطر او تعرقل تعليمه او تحجب فرص نموه من النواحى البدنية والعقلية والاجتماعية وان يحصل على الوقاية والاغاثة عند الكوارث.الا ان الحاصل في عدد من الدول العربية ان هذه المبادىء لا تطبق على ارض الواقع وهناك استغلال واضح للاطفال في الاعمال المختلفة خصوصاً الشاقة منها.
وتشير الدراسات المتخصصة الى ان هناك استغلالا واسعا للاطفال في مجال العمل الزراعي يخرج أطفال فى عمر الزهور من بيوتهم قبل أن تشرق الشمس حفاة الأقدام يساقون إلى حقول القطن لجمع دودة ورق القطن أو رش المبيدات وفى أوقات أخرى ينغرسون في أوحال حقول الأرز لنقل الشتلات تنقلب بهم أحيانا الجرارات ويسقطون ضحايا للمبيدات أو ضربات الشمس الحارقة وتصبح الصورة أكثر قتامة .
اطفال الزراعة
والغريب فى الأمر أنه حتى اليوم ينظر إلى عمالة الأطفال بالزراعة باعتبارها من الأمور الطبيعية غير الضارة بالرغم من أن منظمة الصحة العالمية قامت بالتنبيه بأن قطاع الزراعة لا يقل خطورة عن عمل الأطفال فى الورش والمصانع فالعمل فى سن مبكرة له آثاره الصحية السيئة فالطفل اكثر تأثرا بالعوامل التى تؤثر على اختلال الوظائف الجسدية ومعدل النمو وتوازن الأجهزة المختلفة كما يتعرض الأطفال للمبيدات الحشرية وما بها من أخطار كالتسمم أو الإصابة بالسرطان والأمراض العصبية وأمراض الجهاز المناعي وغيرها .
واما في المناطق الحضرية فيعمل معظمهم في قطاعي التجارة والخدمات, بينما تعمل نسبة اقل في قطاعي التصنيع والتشييد , ويعمل بعضهم خدما في المنازل, ولا يعمل سوى ما يقدر بخمسة في المائة من الاطفال العاملين في الصناعات التصديرية. ويعمل في بعض الحالات 70 بالمائة تقريباً من الاطفال في اعمال خطرة.
التسرب من التعليم
وتساهم عمالة الأطفال بشكل أساسي في تفاقم مشكلة التسرب من التعليم فالطفل يجد معاناة شديدة للجمع بين التحصيل والعمل مما يؤدي في أغلب الأحيان إلى فشله في المدرسة والهروب من التعليم في المرحلة الأساسية .
ويؤثر العمل على الصغار نظرا لوجودهم في بيئة لا تسمح بنمو القدرات الخاصة مما ينعكس سلباً على توافقهم الشخصي والاجتماعي في ظروف لا تتيح لهم تكافؤ الفرص بأقرانهم في نفس الفئة العمرية فضلا عن أن المعاملة السيئة التي يتلقاها الطفل واستغلاله من قبل صاحب العمل مع قلة الرعاية الاجتماعية قد تدفع الحدث إلى عادات سلوكية سيئة خاصة مع حرمان الطفل من طفولته وفقدان الإحساس بالأمان مما يؤدى إلى اضطرابات انفعالية وسلوكية وفقدان احترام الذات وشعور الطفل بالكآبة والقلق.
ويترتب على عمالة الأطفال بالزراعة زيادة معدلات البطالة نظرا لأن الأطفال يمثلون قوة عمل رخيصة الثمن وغالبا ما يبدأ عمل الطفل من الساعة السابعة صباحا حتى السابعة مساء يتخللها فترة راحة لا تزيد على الساعة ويتراوح أجره حسب الجهد ونوع المحصول وباليقين فان تجريم القانون لعمالة الأطفال لن يقف حائلا دون الدفع بهم فى سوق العمل فظروف الفقر لشريحة واسعة من المجتمعات العربية ستعرض المزيد من عمالة الصغار فحاجة الأسرة للحد الأدنى من الدخل الذى يقدمه لها الطفل من خلال عمله الزراعي تعتبر أكثر إلحاحا من تعليم الأبناء.
سبات القوانين
وقوانين العمل المعمول بها في الدول العربية اغفلت الأطفال العاملين في القطاع الزراعي حيث يدعى صاحب العمل أن هؤلاء الأطفال من أفراد أسرته فضلا عن سهولة إخفاء هؤلاء الأطفال فى الحقول الشاسعة كما أن إدارات تفتيش العمل أسقطتهم من حساباتها تماما وأصبح من مسلماتها أن الطفل العامل هو من يعمل فى الورش والمصانع والمحاجر فقط .
ويرى خبراء انه فى ظل الاهتمام العالمي المتزايد تجاه قضية الطفل كمحور ومدخل لا بديل عنه فى عملية التنمية البشرية الشاملة، شهد العالم فى الفترة الأخيرة اهتماما متزايداً بحقوق الطفل وحمايته فى ظل المتغيرات الاقتصادية والسياسية وانتشار الحروب فى معظم بقاع العالم، وتزايد معدلات الفقر التي دفعت كثيرا من الأسر لإلقاء أطفالها فى سوق العمل.
وتم على ضوء ذلك إصدار العديد من المواثيق والاتفاقيات الدولية التى تعمل على حماية الأطفال،وتشمل هذه الاصدارات تحديد الحد الأدنى لسن الاستخدام واتفاقية حقوق الطفل واتفاقية بشأن حظر أسوأ أشكال عمالة الأطفال والإجراءات الفورية للقضاء عليها وضرورة انتشال الأطفال العاملين وإعادة تأهيلهم والعمل على دمجهم اجتماعيا وغير ذلك من الاتفاقيات والقوانين الاخرى.
خطورة عمالة الأطفال
ويقول متخصصون ان عمالة الاطفال على المستوى العالمى تمثل خطورة كبيرة خاصة فى المناطق الاقل نموا حيث يعمل 25 بالمائة من عدد الاطفال في آسيا و40 بالمائة في افريقيا. وفى المنطقة العربية يعمل اكثر من عشرة ملايين طفل فضلا عن العمالة الموسمية فى الريف.
اكدت دراسة لمنظمة العمل الدولية ان هناك نحو مليون طفل عربى فى الفئة من 14 الى 16 سنة يشاركون فى النشاط الاقتصادى ويمثلون 12بالمائة من الاطفال فى هذه الفئة العمرية ويشكلون 7بالمائة من قوة العمل الكلى.
واوضحت ان عمالة الاطفال تشمل عدة انشطة من المهن الشاقة مثل الخدمة فى المنازل او الباعة المتجولين ومساحي الاحذية والمصانع والورش الصناعية او صناعة الطوب واعمال البناء وغيرها.
واشارت الدراسة الى ان هناك حوالي 250 مليون طفل فى العالم يعملون بمعدل طفل واحد من بين كل اربعة اطفال وهى نسبة مرتفعة حذرت المنظمة العالمية من مخاطرها وطالبت بالتصدى لهذه الظاهرة ونبهت الى ان 37 بالمائة من الفتيات فى افريقيا يعملن فى المهن الشاقة وداخل المنازل.
اتفاقيات المنظمة
وقامت المنظمة الدولية باعتماد اتفاقية جديدة تتعــلق بالقــضاء على أسوأ اشكال عمل الاطفال فى يونيو 1999م هى الاتفاقية رقم (172) وتوصيتها رقم "190" والتى ادت الى تعزيز المعايير القائمة .
ويعكس هذا النهج التدريجي الاعتراف بأن عمل الاطفال يمثل مشكلة معقدة تتأصل جذورها فى الفقر وانعدام فرص التعليم.
ويعرف هذان الصكان الاتفاقية والتوصية ، اللذان اعتمدهما مؤتمر منظمة العمل الدولية فى دورته السابعة والثمانين عام 1999م بانهما المعنيان بالحد مما من شأنه ان يسيء الى صحة الاطفال او سلامتهم او اخلاقهم وأيدت هذه الاتفاقية والتوصية العديد من الدول وصادقت عليهما العديد من الدول قبل بدء سريانهما حيث صادقت عليهما بعض الدول فى اكتوبر 1999م بينما بدأ سريانهما فى نوفمبر 2000م وهذه التصديقات تدل على الاهتمام الواسع لدى الدول والمنظمات بالقضاء على عمل الأطفال.
وتظهر احدى الدراسات ان معظم الأطفال العاملين فى الزراعة لا يتقاضون أجرا مقابل عملهم، على اعتبار ان عملهم هو ضمن الاطار العائلي.
فيبدأ الأطفال بالعمل فى عمر مبكر قد يصل أحيانا الى عمر ثلاث سنوات. ويفيد 46 بالمائة من الأطفال الذين اجريت معهم مقابلات فى اطار استكمال الدراسة انهم بدأوا بالعمل فى عمر يتراوح ما بين 6 ـ 9 سنوات، فيما بدأ 34 بالمائة منهم فى عمر أصغر من ذلك ويتراوح ما بين 3 ـ 6 سنوات. أما الأطفال الذين بدأوا بالعمل من بعد سن الثانية عشرة، فأولئك هم الأقلية.
واكدت دراسات وابحاث دولية على ان فائدة الغاء عمالة الاطفال تصل الى نسبة 22بالمائة من الدخل القومى العالمي.مشيرة الى ان كل عام دراسي اضافي يدرسه الطفل يزيد دخله المستقبلي بنسبة 11بالمائة.
اعمار يانعة
وحسب الدراسة التي اصدرتها منظمة العمل الدولية لالغاء عمالة الاطفال اوحت ان سدس اطفال العالم تقريبا بين سن الخامسة و السابعة عشرة يتم استغلالهم فى سوق العمل طبقا لتقدير منظمة العمل الدولية . وان أغلب هؤلاء الاطفال يتعرضون لنفس المخاطر و يتحملون نفس مسؤوليات البالغين فى سوق العمل.
ولانهاء عمالة الاطفال فى العالم و تقديم خدمة تعليمية لائقة لهم يتطلب هذا - طبقا للدراسة - 139 دولارا للطفل فى الشرق الاوسط و شمال افريقيا و تصل الى 1600 دولار لكل طفل فى امريكا اللاتينية وهذا الاختلاف بسبب تكاليف العملية التعليمية التى تختلف من منطقة لاخرى.
ومع تبني الغاء عمالة الاطفال كهدف سواء فى مواثيق منظمة العمل الدولية أو بالنسبة للعديد من منظمات و هيئات المجتمع المدنى اثيرت تساؤلات كثيرة حول تكلفة انهاء عمالة الاطفال و المصادر و المواد المطلوبة لتحقيق هذا الهدف و ما العائد من ذلك؟ كما يهتم السياسيون بهذه النقطة لتأثيرها على الاقتصاد القومى .
وفى اطار جهودها المستمرة لالغاء عمالة الاطفال اصدرت منظمة العمل الدولية دراسة جديدة حول عمالة الاطفال .البحث اقرب ما يكون الى دراسة جدوى لمشروع الغاء عمالة الاطفال خلال عشرين عاما. تبدأ بحساب التكلفة و العائد من القضاء على عمالة الاطفال فى جميع انحاء العالم .
فوائد حماية الاطفال
وفي سبيل تحقيق ذلك تم جمع المعلومات من عشرات الدول فى العالم و بالنسبة للدول التى لم تتم فيها دراسات خاصة بعمالة الاطفال تم استخدام المعلومات و الارقام المتاحة.و فى النهاية تم التوصل الى ان العائد النهائى بنهاية العشرين عاما فترة التطبيق ستختلف طبعا للمنطقة و كثافة عمالة الاطفال فيها وتكاليف العملية التعليمية فستكون فى الدول الاقل تطورا حوالى 5 بالمائة من النمو السنوى للدخل القومى وبالنسبة لدول آسيا ستكون 28بالمائة وامريكا اللاتينية 9 بالمائة و جنوب الصحراء الافريقية 54 بالمائة اما فى شمال افريقيا والشرق الاوسط فستكون الفائدة حوالى 23 بالمائة من الزيادة السنوية للدخل القومى .المتوسط النهائى لزيادة الدخل القومى العالمى نتيجة الغاء عمالة الاطفال واستبدالها بتعليم لائق تقدر بحوالى 22 المائة.
وتناولت الدراسة موضوع التكلفة و العائد من عدة زوايا حيث قدرت تكاليف تقديم خدمة تعليمية جيدة لهؤلاء الاطفال بما فى ذلك تكاليف انشاء المدارس و تجهيزها لهم .
ووضعت امامها هدف القضاء على التسرب من التعليم الابتدائي والاعدادي بحلول عام 2015 والمتسربين من التعليم الثانوي و الجامعي بحلول عام 2020.
كما اشارت الى ان العائد من التعليم سيعتمد ايضا على بعض التطورات الداخلية الموازية كتطوير نظام تعليمي جيد و مستقر و سياسات اقتصادية جيدة و تنمية بالاضافة الى استثمار القوى البشرية الناتجة كرأس مال و أساس هام للتقدم .
ومع توافر هذه العوامل فان كل عام دراسى اضافي يدرس فيه الطفل سيزيد دخله وقدراته بمقدار11بالمائة مع الوضع فى الاعتبار ان الفرد سيبدأ العمل في الخامسة عشرة ويتقاعد فى الخامسة والخمسين .
النهضة المطلوبة
و لم تنس الدراسة الاسر الفقيرة التى تعتمد على دخول اطفالها فى التغلب على الجوع وأنه بدون تعويضهم لن تنجح اى محاولة لتعليم هؤلاء الاطفال .تم اعتبار تعويض الدخل الذى يسهم فيه الاطفال فى ميزانية الاسرة كجزء من تكلفة المشروع.
و قدرت الدراسة ان هذه المبالغ سترفع تكلفة ازالة عمالة الاطفال بمقدار 60 مليار دولار امريكي باعتبار ان دخل الطفل حوالي 20 بالمائة من دخل العامل البالغ.
فى احد نماذج البرامج الخاصة بتعويض آباء الاطفال العاملين الذى طبق فى اسبانيا تم تقدير دخل الطفل بحوالى 12 دولارا امريكيا شهريا بشرط ألا يزيد عدد الاطفال فى الاسرة الواحدة على 3 اطفال. وافاد البرنامج حوالى 8,2 مليون طفل بتكلفة سنوية 1,2 مليار دولار امريكى .
وفى البرازيل تم تطبيق برنامج مماثل و تراوحت الاجور او التعويضات فيه بين 32 الى 20دولارا امريكيا شهريا للطفل .
و فى ديسمبر 2001 كان عدد المستفيدين من البرنامج حوالى 749 الفا و 353 طفلا. كما تم تطبيق برامج مشابهة فى بلدان اخرى منها المكسيك و بنجلاديش .
و طبقا للدراسة فأن التكلفة التعليمية تختلف من مكان لاخر حيث متوسط تكلفة الخدمة التعليمية التى ستقدمها الدول الاقل تقدما للاطفال العاملين يقدر بحوالي8 مليارات دولار امريكى .
وفى آسيا 299,1 مليارا و امريكا اللاتينية 8,7 مليار أما الشرق الاوسط و شمال افريقيا 39,6 مليارا و106,4 مليار لدول جنوب الصحراء الافريقية. و بمقارنة هذه المبالغ بميزانيات التعليم السنوية فى هذه المناطق يتضح انها مبالغ ضئيلة بالنسبة للأرقام التى تنفق سنويا على التعليم .
واشارت الدراسة الى ان تكاليف التعليم الحالية فى نفس المناطق بنفس الترتيب345 مليارا سنويا فى الدول الاقل تقدما و 259 مليارا فى آسيا و 407 مليار فى امريكا اللاتينية و 170مليار دولار امريكى فى جنوب الصحراء الافريقية و 349 مليارا فى شمال افريقيا و الشرق الاوسط.
اسوأ استغلال
واوضحت ان حوالي خمسة ملايين طفل و 78 ألفا يعملون فى اسوأ أشكال عمالة الاطفال فى آسيا و 420 الفا فى شمال افريقيا و الشرق الاوسط .و التقدير يبلغ 14 مليونا و 492 الف طفل فى العالم يعملون فى المخدرات وغيرها من المهن القذرة .
اما بالنسبة للارباح فستكون عبارة عن عائدين اساسيين الاول هو التحسن فى الكفاءة الانتاجية الذى سيتم بعد التعليم و التدريب.الثانى هو العائد من التحسن فى الصحة بالاضافة الى التطور الشخصي والثقافي والاندماج الاجتماعي الهام في الحسابات الاقتصادية .وهذه العوائد لن تظهر مباشرة اذ انها ستبدأ بعد نضج هؤلاء الاطفال واكمال تعليمهم .ففى البداية ستكون النفقات اكثر من العائد ثم يبدأ بعدها التحول الكبير فى النتائج من 2016 حتى 2020.
وحسبما تتوقعه الدراسة فانه لن يكون هناك اية تكاليف بعد ذلك وانما ارباح تمتد لاربعين عاما اي حتى سنة 2060. وتطالب الدراسة القطاع العام بتحمل هذا العبء وتخصص الاموال الكافية للاستثمار فى تعليم هؤلاء الاطفال, لان النتائج فى النهاية ستكون فائدة كبيرة سواء من الناحية الانسانية حيث ان انتشال الاطفال من سوق العمل و توفير طفولة امنة و كريمة لهم من اهم حقوق الطفل, أو من الناحية المادية والتطور القومي والعالمي.
وبشكل عام ستكون التكلفة بمتوسط 54,9 ملياردولار سنويا فى السنوات العشر الاولى و 135,8 مليار فى السنوات العشر الثانية . و بمقارنة سريعة بالارباح يتضح مدى ضالة التكاليف امام الارباح خاصة عند النظر الى البعد
الانسانى الذى لايمكن تقديره و الى ان الغاء عمالة الاطفال سواء كانت له فائدة ربحية ام لا فهو في ذاته و اجب قومي وانساني لابد ان تقوم به الدول نحو ابنائها.
حقوق الطفل
يذكر ان المادة 32 من "اتفاقية حقوق الطفل" شددت على حماية الاطفال من الاستغلال الاقتصادي ومن الاعمال التي يرجح ان تضر بنمو الطفل او تعوق تعليمه. وتدعو الاتفاقية الدول الى اتخاذ التدابير التشريعية وغيرها, بما في ذلك العقوبات والجزاءات, مما يكفل هذه الحماية للأطفال وفي بعض الاحيان ينقسم من يتصدون لعلاج قضية عمل الاطفال حول المسار الذي ينبغي اتباعه, ويسلكون سبلا مختلفة في تناول القضية.
وتقدر منظمة العمل الدولية عدد الاطفال الذين يعملون في مهن مختلفة في الدول النامية والذين تتراوح اعمارهم مابين الخامسة والرابعة عشرة عاماً يتجاوز250 مليون طــفل 120 مليونا منهم يعملون كل الوقت واكثر من 80.4 بالمائة يعملون بالزراعة ويتركز الاطفال العاملون فى آسيا بنسبة 61 بالمائة منهم تليها افريقيا بنسبة 32 بالمائة ثم امريكا اللاتينية بنسبة 7بالمائة .
المشكلات الاقتصادية
ويمـثل عمل الاطفال مشكلة ملحة من الناحيتين الاجتماعية والاقتصادية ومن ناحية حقوق الانسان .حيث اشار تقرير منظمة الامم المتحدة للطفولة والامومة الى الاوضاع البائسة والخطيرة التي تواجه ملايين الاطفال في الدول العربية من حيث انهيار مستوى الرعاية الصحية وعدم الاهتمام، بل واهمال، مسألة تعليم الاطفال وتركهم عرضة للامية والجهل . بالاضافة الى ظاهرة عمل الاطفال في الدول العربية كاحدى الظواهر التي تشكل انتهاكاً بشعا للاطفال وبراءتهم مما يدلل على المستوى المتدني للقوانين الانسانية في هذه البلدان وانعدام وغياب قوانين العمل التي تمنع عمل الاطفال بشكل قاطع.
دورالتعليم
وشددت المنظمة في كل نشاطها في هذا الصدد على أهمية توفير التعليم واعادة التأهيل في مساعدة الاطفال الذين يتم اخراجهم من أسوأ اشكال العمل للتحقق من وضع حد لتلك الممارسات, ولا يمكن التهوين من اهمية تقديم التعليم الاولي مجانا وبصورة الزامية في السعي للقضاء على ظاهرة الاستغلال الاقتصادي للاطفال. والاسباب واضحة: فالتعليم يفتح ابواب المستقبل امام الطفل, ويتيح له الفرصة للارتقاء بمستوى صحته وسلامته, كما يتيح له فرصا اقتصادية اكبر, فضلا عن التمتع بكامل حقوقه.
وقالت المنظمة في تقريرها ان هؤلاء الاطفال محرومون من التعليم المناسب والصحة الجيدة والحريات الأساسية ويدفع كل طفل من هؤلاء ثمناً فادحاً لهذه المعاناة مشيرة الى ان حوالي 50بالمائة منهم يعملون كل الوقت في حين يلجأ الآخرون الى الدمج والتوفيق ما بين العمل والدراسة.
وبينت ان70 بالمائة من الاطفال يعملون فى اعمال خطرة. وان حــوالي 50ـ 60 مليون طفل من بين العدد الكلى وتتراوح اعمارهم بين سن الخامسة والحادية عشرة ممن يعملون فى ظروف خطيرة نظراً لصغر سن هؤلاء الاطفال وهشاشة قدراتهم.
معضلات الفقر
وتؤكد الدراسات المتخصصة ان عمالة الاطفال تنجم عن عدة اسباب اهمها الفقر وعدم كفاية دخل الاسرة وبطالة الاب او المعيل بسبب المرض او العجز او الاعاقة. كما يدفع عدم وجود معيل فعلى للطفل نتيجة وفاة الاب او اهمال الآباء لمسئولياتهم تجاه ابنائهم او الخلافات الزوجية وتعدد الزوجات وتفكك الاسرة الى خروج الاطفال الى العمل باكرا.
ويتعــرض الاطفال فى هذه المهن الى المهانة متمثلة بالـــضرب والعنف من قبل اصحاب العمل والشتم والتحـقير واكتساب عادات سيئة مثل التدخين والانحراف والادمان والتعرض للنصب والاحتيال وتعلم الغش وارتكاب الاعمال غير القانونية.
ورغم ان الميثاق العربى لحقوق الطفل يؤكد على ان الدولة ترعى وتكفل حق الطفل وحمايته من الاستغلال ومن الاهمال الجسماني والروحي حتى اذا كان ذلك من جانب اسرته وان تنظم عمالته بحيث لا يبدأ الا فى سن مناسبة ولا يتولى عملا او حرفة تضر بصحته او تعرضه للمخاطر او تعرقل تعليمه او تحجب فرص نموه من النواحى البدنية والعقلية والاجتماعية وان يحصل على الوقاية والاغاثة عند الكوارث.الا ان الحاصل في عدد من الدول العربية ان هذه المبادىء لا تطبق على ارض الواقع وهناك استغلال واضح للاطفال في الاعمال المختلفة خصوصاً الشاقة منها.
وتشير الدراسات المتخصصة الى ان هناك استغلالا واسعا للاطفال في مجال العمل الزراعي يخرج أطفال فى عمر الزهور من بيوتهم قبل أن تشرق الشمس حفاة الأقدام يساقون إلى حقول القطن لجمع دودة ورق القطن أو رش المبيدات وفى أوقات أخرى ينغرسون في أوحال حقول الأرز لنقل الشتلات تنقلب بهم أحيانا الجرارات ويسقطون ضحايا للمبيدات أو ضربات الشمس الحارقة وتصبح الصورة أكثر قتامة .
اطفال الزراعة
والغريب فى الأمر أنه حتى اليوم ينظر إلى عمالة الأطفال بالزراعة باعتبارها من الأمور الطبيعية غير الضارة بالرغم من أن منظمة الصحة العالمية قامت بالتنبيه بأن قطاع الزراعة لا يقل خطورة عن عمل الأطفال فى الورش والمصانع فالعمل فى سن مبكرة له آثاره الصحية السيئة فالطفل اكثر تأثرا بالعوامل التى تؤثر على اختلال الوظائف الجسدية ومعدل النمو وتوازن الأجهزة المختلفة كما يتعرض الأطفال للمبيدات الحشرية وما بها من أخطار كالتسمم أو الإصابة بالسرطان والأمراض العصبية وأمراض الجهاز المناعي وغيرها .
واما في المناطق الحضرية فيعمل معظمهم في قطاعي التجارة والخدمات, بينما تعمل نسبة اقل في قطاعي التصنيع والتشييد , ويعمل بعضهم خدما في المنازل, ولا يعمل سوى ما يقدر بخمسة في المائة من الاطفال العاملين في الصناعات التصديرية. ويعمل في بعض الحالات 70 بالمائة تقريباً من الاطفال في اعمال خطرة.
التسرب من التعليم
وتساهم عمالة الأطفال بشكل أساسي في تفاقم مشكلة التسرب من التعليم فالطفل يجد معاناة شديدة للجمع بين التحصيل والعمل مما يؤدي في أغلب الأحيان إلى فشله في المدرسة والهروب من التعليم في المرحلة الأساسية .
ويؤثر العمل على الصغار نظرا لوجودهم في بيئة لا تسمح بنمو القدرات الخاصة مما ينعكس سلباً على توافقهم الشخصي والاجتماعي في ظروف لا تتيح لهم تكافؤ الفرص بأقرانهم في نفس الفئة العمرية فضلا عن أن المعاملة السيئة التي يتلقاها الطفل واستغلاله من قبل صاحب العمل مع قلة الرعاية الاجتماعية قد تدفع الحدث إلى عادات سلوكية سيئة خاصة مع حرمان الطفل من طفولته وفقدان الإحساس بالأمان مما يؤدى إلى اضطرابات انفعالية وسلوكية وفقدان احترام الذات وشعور الطفل بالكآبة والقلق.
ويترتب على عمالة الأطفال بالزراعة زيادة معدلات البطالة نظرا لأن الأطفال يمثلون قوة عمل رخيصة الثمن وغالبا ما يبدأ عمل الطفل من الساعة السابعة صباحا حتى السابعة مساء يتخللها فترة راحة لا تزيد على الساعة ويتراوح أجره حسب الجهد ونوع المحصول وباليقين فان تجريم القانون لعمالة الأطفال لن يقف حائلا دون الدفع بهم فى سوق العمل فظروف الفقر لشريحة واسعة من المجتمعات العربية ستعرض المزيد من عمالة الصغار فحاجة الأسرة للحد الأدنى من الدخل الذى يقدمه لها الطفل من خلال عمله الزراعي تعتبر أكثر إلحاحا من تعليم الأبناء.
سبات القوانين
وقوانين العمل المعمول بها في الدول العربية اغفلت الأطفال العاملين في القطاع الزراعي حيث يدعى صاحب العمل أن هؤلاء الأطفال من أفراد أسرته فضلا عن سهولة إخفاء هؤلاء الأطفال فى الحقول الشاسعة كما أن إدارات تفتيش العمل أسقطتهم من حساباتها تماما وأصبح من مسلماتها أن الطفل العامل هو من يعمل فى الورش والمصانع والمحاجر فقط .
ويرى خبراء انه فى ظل الاهتمام العالمي المتزايد تجاه قضية الطفل كمحور ومدخل لا بديل عنه فى عملية التنمية البشرية الشاملة، شهد العالم فى الفترة الأخيرة اهتماما متزايداً بحقوق الطفل وحمايته فى ظل المتغيرات الاقتصادية والسياسية وانتشار الحروب فى معظم بقاع العالم، وتزايد معدلات الفقر التي دفعت كثيرا من الأسر لإلقاء أطفالها فى سوق العمل.
وتم على ضوء ذلك إصدار العديد من المواثيق والاتفاقيات الدولية التى تعمل على حماية الأطفال،وتشمل هذه الاصدارات تحديد الحد الأدنى لسن الاستخدام واتفاقية حقوق الطفل واتفاقية بشأن حظر أسوأ أشكال عمالة الأطفال والإجراءات الفورية للقضاء عليها وضرورة انتشال الأطفال العاملين وإعادة تأهيلهم والعمل على دمجهم اجتماعيا وغير ذلك من الاتفاقيات والقوانين الاخرى.
خطورة عمالة الأطفال
ويقول متخصصون ان عمالة الاطفال على المستوى العالمى تمثل خطورة كبيرة خاصة فى المناطق الاقل نموا حيث يعمل 25 بالمائة من عدد الاطفال في آسيا و40 بالمائة في افريقيا. وفى المنطقة العربية يعمل اكثر من عشرة ملايين طفل فضلا عن العمالة الموسمية فى الريف.
اكدت دراسة لمنظمة العمل الدولية ان هناك نحو مليون طفل عربى فى الفئة من 14 الى 16 سنة يشاركون فى النشاط الاقتصادى ويمثلون 12بالمائة من الاطفال فى هذه الفئة العمرية ويشكلون 7بالمائة من قوة العمل الكلى.
واوضحت ان عمالة الاطفال تشمل عدة انشطة من المهن الشاقة مثل الخدمة فى المنازل او الباعة المتجولين ومساحي الاحذية والمصانع والورش الصناعية او صناعة الطوب واعمال البناء وغيرها.
واشارت الدراسة الى ان هناك حوالي 250 مليون طفل فى العالم يعملون بمعدل طفل واحد من بين كل اربعة اطفال وهى نسبة مرتفعة حذرت المنظمة العالمية من مخاطرها وطالبت بالتصدى لهذه الظاهرة ونبهت الى ان 37 بالمائة من الفتيات فى افريقيا يعملن فى المهن الشاقة وداخل المنازل.
اتفاقيات المنظمة
وقامت المنظمة الدولية باعتماد اتفاقية جديدة تتعــلق بالقــضاء على أسوأ اشكال عمل الاطفال فى يونيو 1999م هى الاتفاقية رقم (172) وتوصيتها رقم "190" والتى ادت الى تعزيز المعايير القائمة .
ويعكس هذا النهج التدريجي الاعتراف بأن عمل الاطفال يمثل مشكلة معقدة تتأصل جذورها فى الفقر وانعدام فرص التعليم.
ويعرف هذان الصكان الاتفاقية والتوصية ، اللذان اعتمدهما مؤتمر منظمة العمل الدولية فى دورته السابعة والثمانين عام 1999م بانهما المعنيان بالحد مما من شأنه ان يسيء الى صحة الاطفال او سلامتهم او اخلاقهم وأيدت هذه الاتفاقية والتوصية العديد من الدول وصادقت عليهما العديد من الدول قبل بدء سريانهما حيث صادقت عليهما بعض الدول فى اكتوبر 1999م بينما بدأ سريانهما فى نوفمبر 2000م وهذه التصديقات تدل على الاهتمام الواسع لدى الدول والمنظمات بالقضاء على عمل الأطفال.
وتظهر احدى الدراسات ان معظم الأطفال العاملين فى الزراعة لا يتقاضون أجرا مقابل عملهم، على اعتبار ان عملهم هو ضمن الاطار العائلي.
فيبدأ الأطفال بالعمل فى عمر مبكر قد يصل أحيانا الى عمر ثلاث سنوات. ويفيد 46 بالمائة من الأطفال الذين اجريت معهم مقابلات فى اطار استكمال الدراسة انهم بدأوا بالعمل فى عمر يتراوح ما بين 6 ـ 9 سنوات، فيما بدأ 34 بالمائة منهم فى عمر أصغر من ذلك ويتراوح ما بين 3 ـ 6 سنوات. أما الأطفال الذين بدأوا بالعمل من بعد سن الثانية عشرة، فأولئك هم الأقلية.
واكدت دراسات وابحاث دولية على ان فائدة الغاء عمالة الاطفال تصل الى نسبة 22بالمائة من الدخل القومى العالمي.مشيرة الى ان كل عام دراسي اضافي يدرسه الطفل يزيد دخله المستقبلي بنسبة 11بالمائة.
اعمار يانعة
وحسب الدراسة التي اصدرتها منظمة العمل الدولية لالغاء عمالة الاطفال اوحت ان سدس اطفال العالم تقريبا بين سن الخامسة و السابعة عشرة يتم استغلالهم فى سوق العمل طبقا لتقدير منظمة العمل الدولية . وان أغلب هؤلاء الاطفال يتعرضون لنفس المخاطر و يتحملون نفس مسؤوليات البالغين فى سوق العمل.
ولانهاء عمالة الاطفال فى العالم و تقديم خدمة تعليمية لائقة لهم يتطلب هذا - طبقا للدراسة - 139 دولارا للطفل فى الشرق الاوسط و شمال افريقيا و تصل الى 1600 دولار لكل طفل فى امريكا اللاتينية وهذا الاختلاف بسبب تكاليف العملية التعليمية التى تختلف من منطقة لاخرى.
ومع تبني الغاء عمالة الاطفال كهدف سواء فى مواثيق منظمة العمل الدولية أو بالنسبة للعديد من منظمات و هيئات المجتمع المدنى اثيرت تساؤلات كثيرة حول تكلفة انهاء عمالة الاطفال و المصادر و المواد المطلوبة لتحقيق هذا الهدف و ما العائد من ذلك؟ كما يهتم السياسيون بهذه النقطة لتأثيرها على الاقتصاد القومى .
وفى اطار جهودها المستمرة لالغاء عمالة الاطفال اصدرت منظمة العمل الدولية دراسة جديدة حول عمالة الاطفال .البحث اقرب ما يكون الى دراسة جدوى لمشروع الغاء عمالة الاطفال خلال عشرين عاما. تبدأ بحساب التكلفة و العائد من القضاء على عمالة الاطفال فى جميع انحاء العالم .
فوائد حماية الاطفال
وفي سبيل تحقيق ذلك تم جمع المعلومات من عشرات الدول فى العالم و بالنسبة للدول التى لم تتم فيها دراسات خاصة بعمالة الاطفال تم استخدام المعلومات و الارقام المتاحة.و فى النهاية تم التوصل الى ان العائد النهائى بنهاية العشرين عاما فترة التطبيق ستختلف طبعا للمنطقة و كثافة عمالة الاطفال فيها وتكاليف العملية التعليمية فستكون فى الدول الاقل تطورا حوالى 5 بالمائة من النمو السنوى للدخل القومى وبالنسبة لدول آسيا ستكون 28بالمائة وامريكا اللاتينية 9 بالمائة و جنوب الصحراء الافريقية 54 بالمائة اما فى شمال افريقيا والشرق الاوسط فستكون الفائدة حوالى 23 بالمائة من الزيادة السنوية للدخل القومى .المتوسط النهائى لزيادة الدخل القومى العالمى نتيجة الغاء عمالة الاطفال واستبدالها بتعليم لائق تقدر بحوالى 22 المائة.
وتناولت الدراسة موضوع التكلفة و العائد من عدة زوايا حيث قدرت تكاليف تقديم خدمة تعليمية جيدة لهؤلاء الاطفال بما فى ذلك تكاليف انشاء المدارس و تجهيزها لهم .
ووضعت امامها هدف القضاء على التسرب من التعليم الابتدائي والاعدادي بحلول عام 2015 والمتسربين من التعليم الثانوي و الجامعي بحلول عام 2020.
كما اشارت الى ان العائد من التعليم سيعتمد ايضا على بعض التطورات الداخلية الموازية كتطوير نظام تعليمي جيد و مستقر و سياسات اقتصادية جيدة و تنمية بالاضافة الى استثمار القوى البشرية الناتجة كرأس مال و أساس هام للتقدم .
ومع توافر هذه العوامل فان كل عام دراسى اضافي يدرس فيه الطفل سيزيد دخله وقدراته بمقدار11بالمائة مع الوضع فى الاعتبار ان الفرد سيبدأ العمل في الخامسة عشرة ويتقاعد فى الخامسة والخمسين .
النهضة المطلوبة
و لم تنس الدراسة الاسر الفقيرة التى تعتمد على دخول اطفالها فى التغلب على الجوع وأنه بدون تعويضهم لن تنجح اى محاولة لتعليم هؤلاء الاطفال .تم اعتبار تعويض الدخل الذى يسهم فيه الاطفال فى ميزانية الاسرة كجزء من تكلفة المشروع.
و قدرت الدراسة ان هذه المبالغ سترفع تكلفة ازالة عمالة الاطفال بمقدار 60 مليار دولار امريكي باعتبار ان دخل الطفل حوالي 20 بالمائة من دخل العامل البالغ.
فى احد نماذج البرامج الخاصة بتعويض آباء الاطفال العاملين الذى طبق فى اسبانيا تم تقدير دخل الطفل بحوالى 12 دولارا امريكيا شهريا بشرط ألا يزيد عدد الاطفال فى الاسرة الواحدة على 3 اطفال. وافاد البرنامج حوالى 8,2 مليون طفل بتكلفة سنوية 1,2 مليار دولار امريكى .
وفى البرازيل تم تطبيق برنامج مماثل و تراوحت الاجور او التعويضات فيه بين 32 الى 20دولارا امريكيا شهريا للطفل .
و فى ديسمبر 2001 كان عدد المستفيدين من البرنامج حوالى 749 الفا و 353 طفلا. كما تم تطبيق برامج مشابهة فى بلدان اخرى منها المكسيك و بنجلاديش .
و طبقا للدراسة فأن التكلفة التعليمية تختلف من مكان لاخر حيث متوسط تكلفة الخدمة التعليمية التى ستقدمها الدول الاقل تقدما للاطفال العاملين يقدر بحوالي8 مليارات دولار امريكى .
وفى آسيا 299,1 مليارا و امريكا اللاتينية 8,7 مليار أما الشرق الاوسط و شمال افريقيا 39,6 مليارا و106,4 مليار لدول جنوب الصحراء الافريقية. و بمقارنة هذه المبالغ بميزانيات التعليم السنوية فى هذه المناطق يتضح انها مبالغ ضئيلة بالنسبة للأرقام التى تنفق سنويا على التعليم .
واشارت الدراسة الى ان تكاليف التعليم الحالية فى نفس المناطق بنفس الترتيب345 مليارا سنويا فى الدول الاقل تقدما و 259 مليارا فى آسيا و 407 مليار فى امريكا اللاتينية و 170مليار دولار امريكى فى جنوب الصحراء الافريقية و 349 مليارا فى شمال افريقيا و الشرق الاوسط.
اسوأ استغلال
واوضحت ان حوالي خمسة ملايين طفل و 78 ألفا يعملون فى اسوأ أشكال عمالة الاطفال فى آسيا و 420 الفا فى شمال افريقيا و الشرق الاوسط .و التقدير يبلغ 14 مليونا و 492 الف طفل فى العالم يعملون فى المخدرات وغيرها من المهن القذرة .
اما بالنسبة للارباح فستكون عبارة عن عائدين اساسيين الاول هو التحسن فى الكفاءة الانتاجية الذى سيتم بعد التعليم و التدريب.الثانى هو العائد من التحسن فى الصحة بالاضافة الى التطور الشخصي والثقافي والاندماج الاجتماعي الهام في الحسابات الاقتصادية .وهذه العوائد لن تظهر مباشرة اذ انها ستبدأ بعد نضج هؤلاء الاطفال واكمال تعليمهم .ففى البداية ستكون النفقات اكثر من العائد ثم يبدأ بعدها التحول الكبير فى النتائج من 2016 حتى 2020.
وحسبما تتوقعه الدراسة فانه لن يكون هناك اية تكاليف بعد ذلك وانما ارباح تمتد لاربعين عاما اي حتى سنة 2060. وتطالب الدراسة القطاع العام بتحمل هذا العبء وتخصص الاموال الكافية للاستثمار فى تعليم هؤلاء الاطفال, لان النتائج فى النهاية ستكون فائدة كبيرة سواء من الناحية الانسانية حيث ان انتشال الاطفال من سوق العمل و توفير طفولة امنة و كريمة لهم من اهم حقوق الطفل, أو من الناحية المادية والتطور القومي والعالمي.
وبشكل عام ستكون التكلفة بمتوسط 54,9 ملياردولار سنويا فى السنوات العشر الاولى و 135,8 مليار فى السنوات العشر الثانية . و بمقارنة سريعة بالارباح يتضح مدى ضالة التكاليف امام الارباح خاصة عند النظر الى البعد
الانسانى الذى لايمكن تقديره و الى ان الغاء عمالة الاطفال سواء كانت له فائدة ربحية ام لا فهو في ذاته و اجب قومي وانساني لابد ان تقوم به الدول نحو ابنائها.
حقوق الطفل
يذكر ان المادة 32 من "اتفاقية حقوق الطفل" شددت على حماية الاطفال من الاستغلال الاقتصادي ومن الاعمال التي يرجح ان تضر بنمو الطفل او تعوق تعليمه. وتدعو الاتفاقية الدول الى اتخاذ التدابير التشريعية وغيرها, بما في ذلك العقوبات والجزاءات, مما يكفل هذه الحماية للأطفال وفي بعض الاحيان ينقسم من يتصدون لعلاج قضية عمل الاطفال حول المسار الذي ينبغي اتباعه, ويسلكون سبلا مختلفة في تناول القضية.